responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 554
الْوَارِثُ الْمَالَ مِنَ الْمُتَوَفَّى. وَرَابِعُهَا: مَعْنَى مَنْ كَانَ تَقِيًّا مَنْ تَمَسَّكَ بِاتِّقَاءِ مَعَاصِيهِ وَجَعَلَهُ عَادَتَهُ وَاتَّقَى تَرْكَ الْوَاجِبَاتِ، قَالَ الْقَاضِي: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْجَنَّةَ يَخْتَصُّ بِدُخُولِهَا مَنْ كَانَ مُتَّقِيًا وَالْفَاسِقُ الْمُرْتَكِبُ لِلْكَبَائِرِ لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ. وَالْجَوَابُ: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُتَّقِيَ يَدْخُلُهَا وَلَيْسَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُتَّقِي لَا يَدْخُلُهَا وَأَيْضًا فَصَاحِبُ الْكَبِيرَةِ مُتَّقٍ عَنِ الْكُفْرِ وَمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّقٍ عَنِ الْكُفْرِ فَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّقٍ لِأَنَّ الْمُتَّقِيَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِنَا الْمُتَّقِي عَنِ الْكُفْرِ وَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْكَبِيرَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّقٍ وَجَبَ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَهُ فالآية تَحْتَهُ فَالْآيَةُ بِأَنْ تَدُلَّ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَوْلَى مِنْ أَنْ تَدُلَّ على أنه لا يدخلها.

[سورة مريم (19) : الآيات 64 الى 65]
وَما نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)
اعْلَمْ أَنَّ فِي الْآيَةِ إِشْكَالًا وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا [مريم: 63] كَلَامُ اللَّهِ وَقَوْلَهُ: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ كَلَامُ غَيْرِ اللَّهِ فَكَيْفَ جَازَ عَطْفُ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الْقَرِينَةُ ظَاهِرَةً لَمْ يَقْبُحْ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [البقرة: 117] هُوَ كَلَامُ اللَّهِ وَقَوْلَهُ: وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ [آل عمران: 51] كَلَامُ غَيْرِ اللَّهِ وَأَحَدُهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْآخَرِ، وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ خِطَابُ جَمَاعَةٍ لِوَاحِدٍ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ إِلَّا بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ عَلَى الرَّسُولِ وَيَحْتَمِلُ فِي سَبَبِهِ مَا
رُوِيَ أَنَّ قُرَيْشًا بَعَثَتْ خَمْسَةَ رَهْطٍ إِلَى يَهُودِ الْمَدِينَةِ يَسْأَلُونَهُمْ عَنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَلْ يَجِدُونَهُ فِي كِتَابِهِمْ فَسَأَلُوا النَّصَارَى فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ وَقَالَتِ الْيَهُودُ:
نَجِدُهُ في كتابنا وهذا زمانه وقد سألنا رحمن الْيَمَامَةِ عَنْ خِصَالٍ ثَلَاثٍ فَلَمْ يَعْرِفْ فَاسْأَلُوهُ عَنْهُنَّ فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِخَصْلَتَيْنِ مِنْهُمَا فَاتَّبِعُوهُ، فَاسْأَلُوهُ عَنْ فِتْيَةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَعَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ وَعَنِ الرَّوْحِ قَالَ فَجَاءُوا فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ لم يَدْرِ كَيْفَ يُجِيبُ فَوَعَدَهُمْ أَنْ يُجِيبَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَاحْتَبَسَ الْوَحْيُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَشَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ وَدَّعَهُ رَبُّهُ وَقَلَاهُ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْطَأْتَ عَنِّي حَتَّى سَاءَ ظَنِّي وَاشْتَقْتُ إِلَيْكَ قَالَ إِنِّي كُنْتُ أَشْوَقَ وَلَكِنِّي عَبْدٌ مَأْمُورٌ إِذَا بُعِثْتُ نَزَلْتُ وَإِذَا حُبِسْتُ احْتَبَسْتُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ وَأَنْزَلَ قَوْلَهُ: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً/ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [الْكَهْفِ: 23، 24] وَسُورَةَ الضُّحَى
ثُمَّ أَكَّدُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا أَيْ هُوَ الْمُدَبِّرُ لَنَا فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَمَا بَيْنَهُمَا أَوِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَعْلَمُ إِصْلَاحَ التَّدْبِيرِ مُسْتَقْبَلًا وَمَاضِيًا وَمَا بَيْنَهُمَا وَالْغَرَضُ أَنَّ أَمْرَنَا مَوْكُولٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَتَصَرَّفُ فِينَا بِحَسَبِ مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَحِكْمَتِهِ لَا اعْتِرَاضَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ فِيهِ وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ قَوْلُهُ: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالْمُرَادُ وَمَا نَتَنَزَّلُ الْجَنَّةَ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا أَيْ فِي الْجَنَّةِ مُسْتَقْبَلًا وَمَا خَلْفَنَا مِمَّا كَانَ فِي الدُّنْيَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ أَيْ مَا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا لِشَيْءٍ مِمَّا خَلَقَ فَيَتْرُكَ إِعَادَتَهُ لِأَنَّهُ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ وَقَوْلُهُ: وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ابْتِدَاءُ كَلَامٍ مِنْهُ تَعَالَى فِي مُخَاطَبَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَّصِلُ بِهِ: رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَيْ بَلْ هُوَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ ظَاهِرَ التَّنَزُّلِ نُزُولُ الْمَلَائِكَةِ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ بِأَمْرِ رَبِّكَ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ بِحَالِ التَّكْلِيفِ أَلْيَقُ، وَثَانِيهَا: أَنَّهُ خِطَابٌ مِنْ جَمَاعَةٍ لِوَاحِدٍ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِمُخَاطَبَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي الْجَنَّةِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ مَا فِي سِيَاقِهِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 554
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست